آلام الرقبة

شارك

مفضلة: 0

زيارات: 5

wave

1/17/2023 2:00 pm

المقدمة

أهلاً بكم في عيادتي. سأشرح لكم هنا عن مرض آلام الرقبة، بحيث سأقدم لكم نبذة عن تركيب الرقبة، ثم نتكلم عن الأعراض المصاحبة لهذا المرض وأسبابه الشائعة منها والنادرة، وكيفية التشخيص ومختلف طرق العلاج التي يمكنها التقليل من هذه الآلام أو التخلص منها نهائيًا.

آلام الرقبة وتسمى أحيانًا آلام عنق الرحم (cervicalgia) من الأمراض الشائعة التي تؤثر وبشكل كبير في الأنشطة اليومية وتُقلل من جودة الحياة خاصة بالنسبة لكبار السن، قد تشعر بها على مستوى الجزء العلوي من العمود الفقري أو حول أسفل الرأس.

تكون هذه الآلام إما آلام محورية تشعر بها على مستوى الرقبة فقط، أو ألام تبدأ من الرقبة وتمتد إلى مناطق أخرى من الجسم كالكتفين والدراعين، ويمكن أن تكون آلامًا حادة تستمر من عدة أيام إلى عدة أسابيع، أو مزمنة تستمر لأكثر من ثلاثة أشهر.

نبذة عن تركيب الرقبة

من خلال فهم تركيب الرقبة وكيفية عملها يكون من السهل فهم مصدر أو سبب آلام الرقبة.

يتكون العمود الفقري للإنسان من ثلاث أجزاء لكل جزء وظيفته، يسمى الجزء الذي يتحكم في الرقبة بالفقرات العنقية (vertebrae cervical) وتمتد من قاع الجمجمة إلى أعلى الفقرات الصدرية، وتتكون من سبع فقرات صغيرة الحجم مكدسة ومرقمة من واحد إلى سبعة ذات شكل أسطواني، تحتوي بينها أقراص فقرية مسؤولية عن امتصاص الضغط وتسهيل حركة الرقبة ومرونتها.

تحتوي فقرات الرقبة على قناة تحمي الحبل الشوكي الذي يتكون من أعصاب تمتد من الدماغ في قاعدة الجمجمة إلى أسفل الظهر. في الرقبة تخرج تفرعات (أعصاب) منه من بين الفقرات وتكون مسؤولة عن الحركة والإحساس لأعضاء الجسم، مثل الرقبة والاكتاف والذراعين.

الأعراض

أولاً: الأعراض الشائعة

أعراض آلام الرقبة قد تكون مستمرة، أو تظهر وتختفي بسرعة، أو تظهر وتختفي بشكل متقطع.

وتتمثل الأعراض الشائعة في:

  • تصلب الرقبة والشعور بألم: قد تجد صعوبة في تحريك رقبتك من جانب إلى آخر، وقد يصاحبها ألم يتركز في مكان واحد غالبًا يكون أسفل الرقبة، أو ألم خفيف يمكن الشعور به في منطقة أوسع من الرقبة، وهذا أمر شائع الحدوث خصوصًا عند الاستيقاظ من النوم أو القيام بالأشغال الشاقة.
  • ألم الكتف والذراعين: ألم يمتد من الرقبة إلى الكتف والذراع، تختلف شدته وعادة ما يكون حارقًا، وهو شائع الحدوث خصوصًا للأشخاص الذين يقومون بأشغال شاقة تتطلب رفع أثقال وتحريك الذراعين لفترات طويلة.
  • الشعور بخدر ووخز: ضعف في الذراع والأصابع وصعوبة إمساك ورفع الأشياء، وهذا بسبب الضغط على الأعصاب التي تتحكم بحركتها، وهو ناتج عن الضغط على العضلات أو العظام أو الأنسجة المحيطة بها.
  • صداع الضغط العصبي: ألم يبدأ من الرقبة والجزء الخلفي من رأسك ليمتد إلى مقدمة الرأس، وهو شائع الحدوث عند التعرض لإصابة على مستوى الرقبة أو العمود الفقري العنقي أو العظام والأنسجة الداعمة لها.

ثانيًأ: الأعراض الأقل شيوعًا

من بين الأعراض الأخرى لآلام الرقبة:

  • ألم يشتد مع مرور الوقت: يكون الألم خفيفًا بعد يوم شاقٍ، وتزداد شدته حدةً مع مرور الوقت.
  • ألم بعد إصابة: يكون الألم مباشرة بعد التعرض لحادث أو إصابة ما.
  • ألم متأخر بعد إصابة: ألم يظهر بعد فترة طويلة من التعرض لحادث أو إصابة، ويزداد سوءً بعد مرور الوقت.

الأسباب الشائعة

آلام الرقبة مشكلة صحية لها عدة أسباب شائعة أهما:

  • وضعية الجسم الغير صحيحة: سوء وضعية الجسم عند القيام بنشاط ما خاصة عندما يتطلب هذا النشاط إبقاء الرأس في وضع غير عادي لفترة طويلة، أو خلال العمل، أو النوم، أو الجلوس لساعات طويلة أمام الكمبيوتر، وهو ما قد يؤدي إلى آلام مع تصلب في الرقبة.
  • التقدم في السن: كبار السن هم غالبًا من يتعرضون لهذا المرض، ذلك أن هشاشة العظام وتآكل الصفائح الفقرية هما سببان رئيسان لآلام الرقبة، وكذا مشاكل أخرى لها علاقة بالعمود الفقري كآلام أسفل الظهر المزمنة.
  • الأمراض المزمنة: قد تكون الأمراض المزمنة سببًا في هذه الآلام، وخاصة مرض انزلاق او فتق القرص الغضروفي بين الفقرات، ومرض القرص التنكسي (إهتراء الفقرات).
  • الإجهاد البدني: الإفراط في استخدام عضلات الرقبة في الأنشطة الشاقة أو المتكررة ككثرة تحريك الرأس في عدة اتجاهات.
  • الإصابة: قد تؤدي الحوادث والرضوض والإصابات إلى تلف العضلات أو الأربطة أو الأقراص مما ينتج عنها آلام في الرقبة.

الوقاية

هنالك دائما احتياطات ونصائح يجب اتباعها والعمل بها لتجنب آلام الرقبة منها ما يلي:

  • حافظ دائما على وضعية استقامة ظهرك وكتفيك.
  • اضبط وضعية نومك من خلال تجنب النوم على البطن، استخدم وسادة لدعم رأسك إن كنت تنام على جانبك، أو استخدمها تحت ركبتيك إن كنت تنام على ظهرك حتى يتماشى رأسك ورقبتك مع بقية جسمك.
  • داوم على ممارسة تمارين التمديد الخفيفة كرياضة اليوغا فهي وسيلة جيدة وفعالة لتخفيف آلام الرقبة واستعادة حيويتك ونشاطك.
  • تجنبقدر الإمكان الأنشطة التي تتطلب حمل الأوزان الثقيل، ومارس الرياضة بانتظامٍ واستمرارٍ.
  • تجنب قدر الإمكان الجلوس أمام الكمبيوتر أو النظر إلى هاتفك لفترات طويلة، وحاول أخذ استراحة قصيرة كل 30 دقيقة.
  • إذا كنت تقف أو تجلس مطولًا سواءً أمام الكمبيوتر أو أي شيء آخر، فحاول دائمًا اتخاذ الوضعية الصحيحة:

إسناد الظهر الجيد: قم بتعديل كرسي الجلوس بحيث يكون أسفل ظهرك مسنود بشكل جيد للكرسي، وبالتالي يجب عليك اختيار كرسي قابل للتعديل ويحتوي على مسند للرأس والذراعين وأيضًا مسند للقدمين عند الضرورة.

تعديل الكرسي: قم بتعديل الكرسي من حيث الارتفاع والميل بما يتناسب مع ظهرك ورجليك، بحيث يكون الذراعين في وضع مريح وساعديك وفخذيك موازيين للأرض، مع تجنب الاتكاء على جانب معين.

ضبط الشاشة على مستوى العين: اضبط المسافة بينك وبين الشاشة بحوالي 45-70 سم، وبارتفاع على مستوى العينين، واجعلها مائلة قليلًا.

إبقاء الرقبة والرأس في وضع مستقيم: ذلك أن انحناء الرأس إلى الأمام بزاوية 15 درجة فقط يزيد من مقدار الضغط على الرقبة.

التشخيص

سأطرح عليك بضع أسئلة تتعلق بتاريخك الطبي والأعراض التي تشعر بها، ودرجة الألم الذي تحسّ به في رقبتك. لذا من المستحسن وصف حالتك لنا بشكل صحيح بدءً بأنشطتك اليومية، وطبيعة عملك، والإصابات التي تعرضت لها سابقًا، وطبيعة آلام الرقبة التي تشعر بها ومدتها ومكانها، وشدة هذه الآلام وهل هي آلام مستمرة أم لا.

أقوم في العادة بإجراء بعض الفحوصات لتقييم حركة الرأس والرقبة إذا كانت طبيعية أم لا، ومراقبة مدى قدرتك على تحريكهما في اتجاهات معينة،وإذا ما كنت تشعر بوخز أو تنميل أو ضعف في ذراعيك أو يديك، إضافة إلى إجراء بعض الاختبارات.

عادة لا يتطلب الفحص إجراء فحوصات وتحاليل إضافيّة إلا في حالات الكسور والاشتباه بإصابات خطيرة أو في حالة الألم الحاد. ومن بين الاختبارات التي يمكن أن أجريها لك:

  • الأشعة العاديّة X-Ray: نجري هذا الفحص للكشف عن مناطق الرقبة التي قد يكون فيها ضغط على العصب أو الحبل الشوكي بسبب النتوءات العظمية أو التغيرات الأخرى.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يمكننا من خلال هذا الفحص الكشف عن الحالات الشائعة لحدوث آلام الرقبة انزلاق (فتق)القرص الغضروفي الواقع بين الفقرات، والتضيّق الشوكي في الجزء العلوي من العمود الفقري، والفصال العظمي (تآكل العظم والغضروف)؛ وأيضًا الحالات الغير شائعة وهي تلك التي تصيب الأنسجة الرخوة للرقبة كالتهابات العظام والأقراص، والتصلب المتعدد، وإصابات الحبل الشوكي، وكسور وأورام العمود الفقري.
  • التصوير المقطعي المحوسب (CT): نجري هذا الاختبار لإظهار نتوءات العظام وعلامات تدهورها، ويمكن اعتباره كبديل للتصوير بالرنين المغناطيسي.
  • فحوصات أخرى: قد نجري لك فحوصات أخرى كمخطط كهربية العضل إذا كان ألم الرقبة مرتبط بضغط واقع على مستوى أحد الأعصاب، وأيضًا إجراء تحاليل الدم التي يمكنها إظهار وجود التهابات أو حالات عدوى مسببة لهذه الآلام.

العلاج الغير جراحي

دائمًا وأبدًا الوقاية أفضل من العلاج، فإذا أردت تفادي آلام الرقبة يجب عليك معرفة أسباب الإصابة بها وتجنبها، والتي تكون عادة مرتبطة بوضعية الجسم السيئة، لذا يتطلب عليك تغيير روتينك اليومي والحرص على اتباع نظام غدائي متكامل وممارسة النشاطات البدنية باستمرار وبشكل منتظم.

تكون آلام الرقبة بسيطة في أغلب الأحيان ولا تحتاج الى عمليات جراحية، وبإمكانك التحسن والتخلص من الألم فقط باتباع هذه الطرق العلاجية:

1) تحسين نمط الحياة: يشمل تحسين طريقة الجلوس، والاستخدام لسليم لجهاز الحاسوب والجوال والتعامل الايجابي مع الضغوط العملية والنفسية.

2) العلاج الطبيعي: أحد أكثر العلاجات شيوعًا لآلام الرقبة المزمنة وحالات التعافي من الإصابة أو الجراحة، وهي عبارة عن تدريبات وتمارين يطبقها أخصائيو العلاج الفيزيائي للتقليل من الألم والتيبس على مستوى الرقبة وتمديدها، وتقوية ديناميكيتها وعضلاتها الداعمة، وفق خطة علاج تختلف أساليبها ومدتها من مريض لآخر.

قد لا يختفي الألم تمامًا عند تطبيق العلاج الطبيعي، ومع ذلك يبقى ليلعب دورًا كبيرًا في التقليل من الألم وتحسين الوظائف الحركية للرقبة، كما أننا نتجنب هذا النوع من العلاج في حالات محددة عندما يكون الألم ناتجًا عن عدم استقرار كبير في العمود الفقري أو مشكلة طبية خطيرة ناتجة عن العدوى أو الورم السرطاني وغيرها.

كما يتضمن العلاج الطبيعي:

التحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد: تَستخدم هذه الطريقة التيارات الكهربائية لعلاج الآلام المزمنة، وهي علاج شائع مند القدم، وتطور مع تقدم الطب الحديث، بحيث يتم اللجوء إليها في حالة عدم نجاعة الطرق العلاجية الأخرى، فهي تمنح تخفيفًا قويًا وفعالًا لآلام الرقبة

ممارسة تمارين وحركات التمدد: مثل رياضة المشية واليوغا وغيرها من الرياضات الخفيفة.

3) تناول الأدوية: وهي مسكنات للألم لا تحتاج وصفة طبية، أو استعمال كريمات جلدية مهدئة.
4) استخدام طوق للرقبة: وهذا في حالة تعرضك لإصابة لتوفير الراحة والحد من الحركة طيلة فترة العلاج.

العلاج الجراحي

يشكل مرضى آلام الرقبة الذين يحتاجون إلى جراحة حوالي 5٪ فقط، وذلك نظرا لاستجابة أغلبهم للعلاج الطبيعي، فنادرًا ما تكون هناك حاجة لإجراء العملية الجراحية.

قد تحتاج إلى القيام بعملية جراحية على مستوى الجزء العلوي من العمود الفقري في الحالات التالية:

  • فشل العلاج الغير جراحي في تخفيف آلامك أو علاجها.
  • آلام الرقبة تزداد سوءً مع مرور الوقت بسبب وجود انزلاق غضروفي.
  • معاناتك من التصلب وحدوث مشاكل في التوازن وصعوبة الحركة سببها الضغط على النخاع الشوكي.
  • وخز وخدر الساقين والذراعين وضعفهما.

يتم إجراء العملية الجراحية عمومًا في حالة الأمراض المزمنة كأمراض: القرص التنكسي، وعدم استقرار العمود الفقري.

ومن بين أهم العمليات الجراحية التي نادرًا ما أجريها لك:

  • استئصال القرص العنقي الأمامي مع دمج الفقرات (ACDF): نجري هذه العملية لإزالة الضغط والألم الذي يسببه تلف أحد الأقراص بين فقرات العمود الفقري العنقية، وهذا من خلال إحداث شق جراحي صغير في مقدمة الرقبة وإزالة القرص التالف، ثم ملء الفراغ بطعم عظمي يندمج بمرور الوقت مع الفقرات.
  • استبدال القرص العنقي (ADR): نقوم في هذه العملية بإزالة القرص التالف المسبب للضغط والألم، واستبداله بقرص اصطناعي، ويعتبر هذا الخيار الجراحي الأحدث، فهو يوفر حركة أفضل للرقبة مقارنة باستئصال القرص مع الدمج.

متى تحتاج مراجعتنا بشكل عاجل؟

عزيزي المريض، عليك مراجعتنا بشكل عاجل أو زيارة الطوارئ عند تفاقم آلام الرقبة خاصة في الحالات التالية:

  • استمرار الآلام لمدة تتجاوز الأسبوع
  • تنميل وفقدان القوة في رقبتك أو أطرافك (الذراعين أو الساقين أو كليهما)
  • فقدانك للوزن بشكل غير مقصود
  • صداع شديد مع تصلّب في الرقبة
  • حمى وتعرق ليلي أو ضيق في الصدر
  • الألم يصاحبه صعوبة في البلع أو التنفس أو غثيان أو تقيؤ
  • آلام الرقبة تزداد سوءً عند ممارستك للرياضة

إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات، يمكنك الاطلاع على أسئلة الموضوع أو إضافة سؤال في أسفل الصفحة هنا. كما يمكنك التواصل معنا عبر خاصية المحادثة في صفحتي الشخصية (تحتاج إدخال رمز المحادثة).

الأسئلة متاحة للموضوع

أسئلة الموضوع

لم تجد إجابة على سؤالك؟