انقطاع التنفس أثناء النوم

شارك

مفضلة: 0

زيارات: 7

wave

11/22/2022 1:51 pm

مقدمة

أهلًا بكم في عيادتي...سأتناول اليوم موضوع انقطاع التنفس في أثناء النوم. سأتعرض لمقدمةٍ حول المرض، ثم سأذكر آلية حدوثه، وأسرد أسبابه وعوامل الخطر، ثم الأعراض والمضاعفات، وأختم بالتشخيص والعلاج.

من الطبيعيُ خلال النوم أنْ يدخلَ الهواء بوتيرة منتظمة إلى الجهاز التنفسي، الذي يشمل الأنف والحَلْقَ والرئتين. ويُسهم في هذه العملية ما يحدث خلال النوم من ارتخاء عضلات الجسم وتباطؤِ وظائفه. غير أنه عند بعض المصابين قد ينسد مجرى التنفس العلوي بشكل جزئي أو كلي.

نقصد بمجرى التنفس العلوي: الأنفَ، والفمَ، والحلقَ، والحنجرةَ. حين ينسد هذا المجرى في أثناء النوم، قد يتضاءل التنفس أو ينقطع كلياً، مما يؤدي الى استيقاظ المريض وبالتالي تقطّع النوم. لذلك لا ينال المرء قسطًا كافيًا من النوم طوال الليل، وقد يغلبه النعاس خلال النهار.

يصيب انقطاع التنفس أثناء النوم بين 2-4% من الأشخاص في منتصف العمر. وهو في الذكور أكثر منه في الإناث.

هناك نوعان من إنقطاع النوم؛ النوع الانسدادي والنوع المركزي. في النوع الانسدادي يتضرر التنفس بسبب ضيق الحلق أو انغلاقه تمامًا. وفي النوع المركزي يظل الحلق مفتوحًا بصورة طبيعية، وإنما تكمن المشكلة في مراكز التحكم في التنفس في الدماغ.

آلية انقطاع التنفس

  • الحَلق محاطٌ بعضلاتٍ مهمة في التحدث والبلع والتنفس. أثناء النوم يقل نشاط هذه العضلات وترتخي، مما يؤدي إلى ضيق الحلق.
  • في أكثر الحالات، لا يؤثر هذا التضيّق على عمليةَ التنفس، ولكن في حالاتٍ قليلة، قد يؤدي إلى حدوث الشخير وضعف التنفس أو توقفه تمامًا.
  • إذا تضرر التنفس بهذا الشكل، فإنّ الجسمَ لا يحصل على مستويات كافية من الأكسجين، وكذلك يتعذّر عليه التخلص من ثاني أكسيد الكربون. عادة عندما يحدث ذلك، يستجيب الجسم بزيادة معدل التنفس وعمقه لينال كفايته من الأكسجين، غير أنّ هذا متعذّرٌ في حالات انقطاع التنفس أثناء النوم، لأن مجرى التنفس مسدود أصلًا.
  • ولكي يتنفس الجسم في ظل هذا الانسداد، لا حلَّ أمامه سوى الاستيقاظ لتنشيط عضلات مجرى التنفس العلوي لفتحه. وبمجرد حدوث ذلك، يستطيع الشخص التقاط أنفاسه بعمق لتعويض النقص الحاصل في الأكسجين. وعادةً ما يكون هذا الاستيقاظ مصحوبًا في أوله بالشخير. وفي أحيان نادرة، قد يصاحبه اختناق أو تنفس سريع.
  • إذا عاود الشخص النومَ مباشرةً بعد هذا الاستيقاظ، فلن يتذكر ما حدث، ولن يعيَ أنه يعاني مشكلاتٍ في التنفس. بل إنّ هذا هو السواد الأعظم من الحالات، ومعظم المرضى لا يدرون بانقطاع تنفسهم في أثناء النوم. وهذا يخلفهم في شعورٍ بالتعب ورغبةٍ في النوم طوال اليوم؛ لا يعلمون لذلك سببًا.

الأسباب وعوامل الخطر

لانقطاع التنفس أثناء النوم أسباب وعوامل متعددة، كما يلي:

  • أسباب تشريحية: وقد يكون ذلك بسبب صِغر مجرى التنفس العلوي، أو صِغر حجم الفك السفلي، أو كِبر حجم اللسان مقارنةً بحجم الحلق.
  • السمنة: فكلما زادت السمنة، ارتفع خطر انقطاع التنفس أثناء النوم، حيث ان تراكم الدهون في انسجة مجرى التنفس يزيد من سماكتها، وبالتالي تضيّق المجرى وصعوبة التنفس اثناءالنوم.
  • تضخم اللوزتين واللحميّة: خاصةً في الأطفال. وهذا لأنها تقع في الجزء الخلفي من الحلق، وبالتالي قد تؤدي إلى انسداده إذا تضخمت.
  • العمر: تزداد النسبة بين البالغين في منتصف العمر فما فوق.
  • الجنس: الذكور أكثر عرضة من الإناث بنسبة الضعف، لا سيما الذكور في منتصف العمر، ومَن يتعاطون علاجات هرمونية. وتتساوى النسبة بين الجنسين بعد انقطاع الطمث في الإناث.
  • الحبوب المنوّمة والكحوليات: ويكمن خطرها في أنها قد تَحول دون استيقاظ المرء لالتقاط أنفاسه، وبالتالي فإنها تطيل فترة انقطاع التنفس، وما يصحبها من تداعيات خطيرة.
  • كِبر حجم الرقبة: حيث يزداد خطر حدوث انقطاع التنفس أثناء النوم إذا زاد حجم الرقبة على 43 سم في الرجال، أو 40 سم في النساء.

الأعراض

في أحيان كثيرة، قد لا يدري المرء أنه يعاني أعراض انقطاع التنفس أثناء النوم، لا سيما إن لم يكن بجواره أحد؛ ففي معظم الأحيان يكون أحد أقرباء المريض أو زوجه هو مَن يلفت انتباهه إلى وجود الأعراض، والتي تشمل:

  • النوم غير المستقر.
  • شعور بالاختناق أو التنفس بسرعة مع الاستيقاظ.
  • صداع في الصباح، أو جفاف الفم، أو التهاب الحلق.
  • الاستيقاظ عدة مرات للتبول.
  • شعور بعدم الراحة عند الاستيقاظ وعدم القدرة على توازن الجسم.
  • تضاؤل الطاقة، وقلة التركيز، وضعف الذاكرة.

التشخيص

يتولى هذه الخطوةُ أخصائي خبير في طب النوم. وتتمحور حول تسجيل التاريخ الطبي للمريض بدقة، وإجراء الفحص البدني، والقيام بالفحوصات اللازمة. وفيما يلي بعض الدلائل التي ترجح لدينا تشخيصَ انقطاع التنفس في أثناء النوم:

  • شكوى المريض من الشخير وشعوره بأنه لا ينال قسطًا كافيًا من النوم، أو ملاحظة أحد أقربائه باختناقه أو تنفسه بسرعة خلال النوم.
  • إذا اكتشفنا في الفحص البدني كِــبَـــرًا في حجم الرقبة، أو صِغرًا في مجرى التنفس العلوي، أو تضخمَ اللسان مقارنةً بتجويف الفم.
  • ارتفاع ضغط الدم برغم وصف أدويةٍ للتحكم فيه.

إذا ترجّح لدينا أنّ المتسببَ في أعراض المريض هو انقطاع التنفس أثناء النوم، فإننا نطلب عادةً فحصًا يُدعى: اختبار تخطيط النوم. يتميز هذا الفحص بقدرته على قياس الجهد الذي يبذله الشخص للتنفس، وكذلك مدى سريان الهواء في مجرى التنفس، ومستوى الأكسجين في الدم، والنبض، ومدة كل مرحلةٍ من مراحل النوم.

في بعض الأحيان، قد يتعذّر على المريض الخضوعُ لاختبار تخطيط النوم، ومن ثم قد نوصي بإجراء الفحص باستعمال أجهزةٍ منزليةٍ يمكنها مراقبة التنفس، والنبض، ومستوى الأكسجين، ووضعية الجسم، إلا أنها ليست مُعَدّةً لمراقبة عملية النوم في حد ذاتها.

المضاعفات

لهذا المرض مضاعفات عديدة، وقد تصل لدرجةٍ تهدد معها حياة الشخص، ومنها:

  • ارتفاع ضغط الدم: حوالي 50% من مرضى انقطاع التنفس أثناء النوم يعانون ارتفاعَ ضغط الدم.
  • السكتات القلبية والدماغية، وعدم انتظام النبض: وهذا يعني أنّ ثمة علاقة وطيدة بين أمراض الدورة الدموية واضطرابات التنفس خلال النوم، ويعضّد ذلك أنّ أكثر من نصف مرضى القلب يعانون مثل هذه الاضطرابات التنفسية.
  • ارتفاع خطر التعرض للحوادث: حيث يرتفع خطر الحوادث إلى 3 أضعاف في مَن يعانون المرض مقارنةً بمَن لا يعانونه.
  • صعوبات التعلم وضعف الذاكرة.
  • الاكتئاب.
  • العصبية.
  • الضعف الجنسي.
  • النعاس خلال النهار.

العلاج

تختلف خطة العلاج بحسَب كل حالة. ويتمثل الهدف منها في الحفاظ على مجرى التنفس مفتوحًا بدرجةٍ من شأنها تخفيف الأعراض ومنع حدوث المضاعفات. وتتمحور حول تطبيق إجراءات عامة وأخرى أكثر تحديدًا. من الإجراءات العامة:

  • تجنب الحبوب المنوّمة والكحوليات: لأنها تزيد من النعاس خلال النهار، ما يزيد خطر التعرض للحوادث، ناهيك عن أنها تزيد فترة انقطاع التنفس خلال النوم، ما يَحرم الجسم عن الأكسجين فترةً أطول.
  • إنقاص الوزن: حيث إنّ إنقاصه بنسبة 10% قد يؤدي إلى تقليل مرات انسداد مجرى التنفس في أثناء النوم، لا سيما إذا كان الشخص يعاني السمنةَ أو زيادةً في الوزن.
  • تغيير وضعية النوم: حيث نوصي بتجنب النوم على الظهر. ونظرًا إلى أنّ هذا قد يصعب خلال النوم، فمن ضمن الحلول المُعِينة على ذلك أنْ تحيكَ جيبًا في ظهر القميص، وتضعَ فيه كرة تنس مثلًا. بهذه الطريقة، لن تتحمّل النوم على ظهرك حتى لو كنت غارقًا في النوم.
  • بخصوص الأدوية وجلسات الأكسجين، فقد وُجد أنها لا تستطيع التغلب على انسداد مجرى التنفس.

أما الإجراءات الأكثر تحديدًا، فتشمل أجهزةً مُعيّنة وجراحاتٍ خاصة، كما يلي:

  • جهاز ضغط الهواء الموجب: ويُعد العلاج الرئيس لمرضى انقطاع التنفس أثناء النوم. وهو عبارة عن قناعٍ يوضَع على الأنف، ويتصل بأنبوب موصولٍ بجهازٍ يضخ الهواءَ بضغطٍ موجب. هذا الهواء للحلق هو بمنزلة الجبيرة للعظم، أيْ إنه يحافظ على مجرى الهواء مفتوحًا ويمنع انسداده. في العيادة يتولى فنيٌ مختصٌ تركيبَ الجهاز وضبطَه على أدنى ضغطٍ موجب يحافظ على مجرى التنفس مفتوحًا. وبعد ذلك يستعمل المريض الجهازَ بهذا الضغط عند مباشرة النوم. يتميز الجهاز بصِغر حجمه، وضآلة وزنه (1.5 كغم)، ويُسر استخدامه.
  • تركيبات الأسنان: وتعمل على تعديل وضعية الفك السفلي بأن تحيلَ اللسان وسقفَ الحلق للأمام بهدف تخفيف الانسداد. وهي مناسبة أكثر لحالات الانسداد الخفيفة حين تكون الشكوى الأساسية هي الشخير، وذلك لأنّ تأثيرها على تخفيف الانسداد ليس بكفاءة جهاز الضغط الموجب.

العلاج الجراحي: وتُعد الخيار العلاجي الأولَ في الأطفال، نظرًا إلى أنّ معظم حالات انقطاع التنفس النوم تكون بسبب تضخّم اللوزتين والزائدة الأنفية (اللحمية). وفي هذه الحالات تكون الجراحة المَعنية هي إزالة اللحمية واللوزتين. أما البالغون، فالخيارات الجراحية عديدة، منها:

  • استئصال اللوز و اللحمية: وتهدف إلى توسيع مجرى الهواء عبر استئصال اللوزتين واللحميّة المتضخمتين مما يوسع مجرى التنفس.
  • جراحة تعديل الفك: وفيها يُعدّل الجرّاح في وضعية الفكين العلوي والسفلي لتحسين مجرى التنفس.
  • ثقب القصبة الهوائية: نادرً جدا ما نلجأ لها، وفيها يخلق الجرّاح فتحةً دائمةً في الرقبة. ولا نجريها إلا في حالات الانسداد الخطيرة التي فشلت العلاجات المذكورة أعلاه في تخفيفه.
  • جراحات السمنة: وهي فعالة بالنسبة للمصابين بالسمنة المفرطة، حيث انها فعالة في إنقاص الوزن وبالتالي تخفيف أعراض إنسداد مجرى الهواء عند النوم.

متى تحتاج إلى مراجعتنا بشكل عاجل؟

يرجى مراجعة العيادة في أقرب فرصة أو التوجه إلى الطوارئ في الحالات الآتية:

  • الاستيقاظ عدة مرات على شعورٍ بالاختناق أو سرعةٍ في التنفس: ففي أغلب الحالات لا يكون المرء على وعيٍ بالأعراض، ومن ثم إذا مررت بشيءٍ من ذلك، فقد يكون هذا بسبب انقطاع التنفس النومي.
  • غلبة النعاس وقتَ النهار وعدم القدرة على التركيز: فقد يكون ذلك لأنك لا تنال قسطًا كافيًا من النوم ليلًا بسبب الانسداد، وهذا بدوره قد يرفع خطر التعرض للحوادث.
  • عدم القدرة على خفض ضغط الدم المرتفع برغم استعمال الأدوية: هذا بالإضافة إلى الأعراض المذكورة أعلاه قد يكون بسبب انسداد مجرى التنفس في أثناء النوم.

إذا كانت لديك أي أسئلة أو استفسارات، فبإمكانك الاطلاع على أسئلة الموضوع أو إضافة سؤال في أسفل الصفحة هنا. كما يمكنك التواصل معنا عبر خاصيّة المحادثة في صفحتي الشخصيّة (تحتاج إلى إدخال رمز المحادثة).

الأسئلة متاحة للموضوع

أسئلة الموضوع

لم تجد إجابة على سؤالك؟