مقدمة

أهلاً بكم، سنتحدث عن الارتجاع المثاني الحالبي، فما تعريفه؟ وما مدى شيوعه؟ ومن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة به؟ وما هي أعراضه؟ وما هي أسبابه؟ وكيف يُشخص؟ وما هي طرق علاجه؟ يتدفق البول من الكلى إلى المثانة عبر الحالبين، ويحتوي كل منهما في نهايته على صمام يضمن انتقال البول باتجاه واحد فقط. في حوالي (1-3%) من المواليد والأطفال، يحدث خلل في الصمام ويتسرب البول مرتفعاً باتجاه معاكس من المثانة إلى الكليتين في حالة تسمى (ارتجاع الحالب) أو (الارتجاع المثاني الحالبي). يتعرض الطفل للإصابة بعدوى المسالك البولية المتكرر بسبب ارتجاع الحالب وبالتالي تلف الكلى ما لم يتم تشخيص المشكلة وعلاجها مبكراً.

تصنيف الارتجاع المثاني الحالبي

يُصنّف الارتجاع المثاني الحالبي وفقاً لشدّة المرض من الدرجة الأولى (خفيفة) إلى الخامسة (شديدة)، ونحدد الشدة من خلال تدفّق البول ومدى التمدّد المصاحب.الدرجة الأولى: يتدفق البول عكسياً إلى أحد الحالبين أو كليهما ولكنه لا يصل إلى الكليةالدرجة الثانية: يتدفق البول عائداً إلى الكلية، ولكنه لا يسبب تمدداً في الحوض الكلويالدرجة الثالثة: يحدث اتساع خفيف إلى معتدل للحالب والحوض الكلويالدرجة الرابعة: يحدث توسيع في الحالب والحوض الكلوي والكؤوس الكلويةالدرجة الخامسة: يحدث توسيع شديد في الحالب والحوض الكلوي والكؤوس الكلوية

مدى شيوع الارتجاع المثاني الحالبي

يعاني نحو ثلث الأطفال المصابين بالتهابات المسالك البولية الحادة من الارتجاع المثاني الحالبي، وقد يكون عدد الأطفال المصابين بالارتجاع المثاني الحالبي أكبر وذلك بسبب عدم فحص الأطفال الذين لا تظهر عليهم أعراض المرض.يكون الارتجاع المثاني الحالبي عموماً أكثر شيوعاً لدى الرضع والأطفال دون السنتين من العمر، ولكنه قد يصيب أيضاً الأطفال الأكبر عمراً وحتى البالغين، والإناث أكثر عرضة للإصابة من الذكور، كذلك إذا أصيب به الأخوة أو أحد الوالدين فهو أحد عوامل الخطورة لهذه المشكلة.

الأعراض والمضاعفات

في أغلب الأحيان قد لا يعاني الطفل المصاب من أعراض ؛ لأن الارتجاع المثاني الحالبي في حد ذاته ليس مؤلماً، ولكن قد تظهر عليه بعض الأعراض التالية:أكثر الأعراض شيوعاً:التهابات المسالك البولية الحادة المتكررة المصحوبة بارتفاع درجة الحرارة، إذ يمكن أن تنتقل البكتيريا للخلف من المثانة إلى الكلى مما يؤدي إلى عدوى خطيرة وربما ندبات الكلى.ومن الأعراض الأخرى:حدوث مشاكل في المثانة مثل سلس البول، والتبول اللاإرادي خصوصاً في حال كان سبب الإرتجاع سبب عضوي آخر وليس إرتجاع من النوع الأولي.

أسباب الارتجاع المثاني الحالبي

يُقسم ارتجاع الحالب إلى نوعين تبعاً للعوامل المسببة له:الارتجاع الأوّلي: هذا النوع هو الأكثر شيوعاً، يكون الحالب غير طبيعي فلا ينغلق الصمام الموجود بينه وبين المثانة جيداً، لذلك يرجع البول عكسياً باتجاه الكلية. يمكن أن يتحسّن الارتجاع المثاني الحالبي أو يختفي عندما يكبر الطفل؛ حيث يتكون صمام الحالب وبالتالي يختفي الإرتجاع بشكل تلقائيالارتجاع الثانوي:يحدث هذا النوع لعدة أسباب منها انسداد أو تضيّق عنق المثانة أو مجرى البول (الأنبوب الذي يربط المثانة بالخارج)، أو بسبب المثانة العصبية المسببة بمشاكل مثل الصلب المشقوق.

التشخيص

نكتشف ارتجاع الحالب إما بصورة الأشعة الصوتية للأم الحامل قبل الولادة والتي يظهر فيها تراكم السوائل في كلية الجنين وتوسع الحالبين أو الكلى أو عند إصابته بالتهابات المسالك البولية الحادة المصحوب بارتفاع درجة حرارة الجسم، وبكلتا الحالتين نطلب إجراء صورة أشعة صوتية أخرى للكلى والمثانة بالإضافة للفحوصات التالية:أشعة قسطرة المثانة بالصبغة: وهو الفحص الأهم للتأكد من الإصابة بارتجاع الحالب، ونقوم فيه بملء المثانة بسائل باستخدام قسطرة بولية والتقاط عدة صور بالأشعة السينية لرؤية التسريب العكسي للبول من المثانة إلى الكلى بوضوح أثناء ملئ المثانة أو التبول وفي نفس الفحص نستبعد المثانة العصبية أو صمام الإحليل الخلفي.تصوير الكلى بالأشعة النوويّة: تساعد هذه الصورة على تقييم وظائف الكلى بحقن مركب مشع عبر الوريد. تجري المادة المشعة في الدم ثم تفلتر من الكليتين بعدها تفرز في البول. وهناك نوعان النوع الأول (DMSA) يحدد وظائف الكليتين او وجود ندبات في الكلى. والنوع الثاني (DTPA/MAG3) ويستخدم لإستبعاد وجود إنسداد في الحالب وكذلك قد يساعد في تحديد وظائف الكليتين وقد يستغرق الفحص ٢-٣ ساعاتتحليل البول: نحصل على عينة البول من الأطفال والرضع إما خلال إجراء مخطط المثانة أو باستخدام قسطرة المثانة لتجنب تلوث العينة. في الأطفال الأكبر سناً القادرين على استخدام المرحاض، تُجمع عينة البول في علبة خاصةفحص ديناميكا البول في بعض الحالاتتحليل للدم لوظائف الكلى في بعض الحالات

الخيارات العلاجية

بناءً على نتائج الفحوصات، نصنف درجة ارتجاع الحالب باستخدام درجات رقمية تتراوح بين (١-٥)، وكلما زادت الدرجة دل ذلك على زيادة شدة الارتجاع.يعتمد اختيارنا للعلاج على عمر الطفل وشدة الارتجاع ومدى تكرار التهابات المسالك البولية الحادة عنده، وتشمل طرق العلاج المتاحة ما يلي:المتابعة الطبيةالأطفال الذين يكون عندهم ارتجاع طفيف، نراقبتهم ونحدد مواعيد للمتابعة المنتظمة لنمو الكلى ووظيفة المثانة. يوجد احتمال كبير أن تتحسن حالة الطفل مع الوقت، لكنه يبقى معرضاً لخطر الاصابة بالتهابات المسالك البوليةالمضادات الحيوية الوقائيةنعطي أغلب الأطفال الذين المصابين بإرتجاع الحالب جرعة منخفضة من مضاد حيوي وقائي مناسب يومياً لتقليل خطر الإصابة بالتهابات المسالك البولية مع المتابعة الطبيةالتدخل الجراحيعند الأطفال المصابين بارتجاع الحالب من النوع الأولي والذين يعانون من التهابات حادة متكررة في المسالك البولية رغم تناول المضادات الحيوية الوقائية أو في الفتيات بعد عمر ٦ سنوات واستمرار الإرتجاع نوصي بإجراء جراحة لإصلاح صمام الحالب وذلك باستخدام عدد من التقنيات الجراحية مثل الحقن بالمنظار أو إعادة زراعة الحالب.وفيما يلي تفصيل لكل منها:

جراحة إعادة زراعة الحالب

عملية جراحية نُعيد فيها بناء الوصلة بين الحالب والمثانة بطريقة تمنع ارتداد البول إلى الكليتين وبنسب نجاح عالية جداً بين ٥٩-٩٨٪؜قبل الجراحة:بسبب الحاجة للتخدير العام، من المهم اتباع الإرشادات التالية قبل يوم واحد من العملية:الرضع بعمر أقل من سنة واحدة: يجب أن تكون آخر رضعة من الحليب الاصطناعي قبل 6 ساعات من العملية، وقبل 4 ساعات من العملية للأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية.الأطفال بعمر أكبر من سنة: يجب أن يبدأ صيام الطفل عن الطعام والشراب بعد منتصف الليل في الليلة التي تسبق الجراحة، ويمكن للطفل شرب الماء قبل العملية بأربع ساعات.أثناء العمليةنجري العملية تحت التخدير العام وتستغرق حوالي ساعتين. نعطي الطفل إبرة تخدير إضافية في منطقة العجز ومن فوائدها أنها تسمح لنا بإعطاء كمية أقل من التخدير العام للطفل أثناء الجراحة وتخفف الألم في أسفل الظهر لمدة تصل إلى أربع ساعات بعد الإفاقة.يتم إجراء شق أسفل البطن وفوق عظم العانة مباشرة، وبعد إعادة زراعة الحالب وتثبيته نغلق الجرح بخيوط تحت الجلد تذوب من تلقاء نفسها ونغطيه بضمادة لاصقة.بعد العمليةيستيقظ الطفل في غرفة الإنعاش وبعد الإفاقة الكاملة من التخدير، يُنقل إلى غرفة المبيت في المستشفى للمراقبة، وقد يشتكي الأطفال الأكبر سنًا من الشعور بالغثيان أو الدوار بعد العملية وهذا شيء طبيعي يزول بعد انتهاء أثر التخدير.سيجري تركيب قسطرة بولية للطفل لتصريف البول من المثانة وعادةً ما نزيلها في الأيام الأولى بعد الجراحة، وعندها يمكن للطفل مغادرة المستشفى.جراحة زراعة الحالب قد تتم كذلك بجراحات الرجل الآلي والمنظار وبنسب نجاح عالية تصل الى ٩٠-٩٥٪؜العناية في المنزلتسقط الضمادة من تلقاء نفسها بعد عدة أيام من الجراحة، ولا تحتاج الغرز الجراحية لإزالة، ويجب الحفاظ على منطقة الجرح نظيفة وجافة ومراقبتها من قبل الوالدين لتجنب إصابة الجرح بالالتهاب. سنرتّب موعد بعد ٤-٦ أسابيع من الجراحة للاطمئنان على تعافي الطفل.أثناء فترة التعافي، يجب الاستمرار في مساعدة الطفل على اتباع العادات الصحية وتجنب الإمساك بشرب كمية مناسبة من السوائل وتناول الخضار والفاكهة والأطعمة الغنية بالألياف بالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، وتشجيع الأطفال على التبول كل (٢-٣) ساعات للوقاية من تراكم البول في المثانة والتهابات المسالك البولية.

جراحة المنظار

تُفيد هذه الطريقة الأطفال المصابين بارتجاع الحالب البسيط، وتُجرى تحت التخدير العام ضمن عمليات اليوم الواحد. طريقة الجراحة ونسبة النجاحيُدخل منظار صغير في المثانة من خلال مجرى البول وتحقن كمية صغيرة من مادة هلامية (جل) تحت صمام الحالب. يتكون الجل من مواد آمنة على الجسم ويغلق الصمام جزئياً وبالتالي يمنع البول من التسرب نحو الكلى.هذا الإجراء آمن وتبلغ نسبة نجاحه حوالي 75% بشكل عام وتختلف نسب النجاح على حسب درجة الإرتجاع ، لكن يعيب هذا الخيار احتمالية عودة ارتجاع الحالب في حال كان الطفل يؤجل البول بشكل متكرر في حال تعلم على الحمام.

متى تحتاجون للتواصل معنا؟

من المهم معرفة العلامات المبكرة لإلتهابات المسالك البولية الحادة ، ومراجعة العيادة أو قسم الطوارئ فوراً في حال ظهور أي من الأعراض التالية بعد إجراء أي عملية جراحية لعلاج ارتجاع الحالب:ارتفاع في درجة الحرارة (أكبر من ٣٩ درجة مئوية)عدم القدرة على التبول لمدة ٥-٦ ساعاتآلام شديدة في الخصر أو أسفل الظهرإذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات، يمكنك الاطلاع على قسم (أسئلة الموضوع) للبحث عن الأسئلة المشابهة وإجاباتها، كما يمكنك التواصل معنا عن طريق تطبيق اكسيريا باستخدام الكود الموجود في وصفة الإرشادات.